mohap مــشــرف
عدد الرسائل : 20 تاريخ التسجيل : 11/09/2008
نقاط التميز نقاط التميز: 0
| موضوع: رمضان و القرآن السبت سبتمبر 13, 2008 8:37 pm | |
| مع بداية هذا الشهر الكريم واستهلال أولى نفحاته وتنسُّم عبْق بركاته، نجد من الطبيعي أن يكون الكلام عن خصِّيصة من أهم خصائص هذا الشهر المبارك، وهي القرآن الكريم؛ حيث إن الله- تبارك وتعالى- قد افتتح كتابه في سورة الشرائع (سورة البقرة) بالحديث عن محتويات هذا الكتاب، من خلال أولى تأملاتنا في هذه السلسلة المباركة؛ حيث يقول عزَّ من قائل في صدر السورة ﴿الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2)﴾. والكلام عن القرآن الكريم بشكل عام- وفي هذه الأيام المباركات على وجه الخصوص- غالبًا ما يأخذ الجانب التحفيزي للمسلم على أن يُقبل على قراءته ويستزيد من تلاوته، وهذا أمر مطلوب بلا شك، لا سيما وقد ورد من النصوص القرآنية والنبوية ما يعضِّد هذا الأمر ويؤكده. إلا أنه في الوقت نفسه يبقى الحديث من هذه الناحية مجتزأً وناقصَ الكمال؛ إذ إن الله- تبارك وتعالى- عندما يؤكد أن هذا الكتاب ﴿هُدًى لِلْمُتَّقِينَ﴾ فإن ذلك يستلزم من المسلم أن يقف على حقيقة مراد الله تعالى من تشريع هذا الكتاب، فهو كتاب ﴿هُدًى﴾ في كل شيء.. ﴿هُدًى﴾ في تعرُّف المسلم على ربه جل وعلا.. ﴿هُدًى﴾ في تعامله مع الناس.. ﴿هُدًى﴾ في شتَّى جوانب الحياة البشرية، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية.. إلخ. فرسولنا- صلى الله عليه وسلم- عندما كان يحثُّنا ويحضُّنا على أن نُكثر من قراءة القرآن ونتزوَّد من تلاوته، فإنه لم يعمد من وراء ذلك أن يكون المسلم ذا رصيدٍ كبيرٍ وحظٍّ وافرٍ من الحسنات التي تُكتب له جزاءً لتلاوته فحسب، ولكنه- صلى الله عليه وسلم- أراد معنى أشمل وأعمّ من ذلك بكثير، فهو يريد للمسلم ألا يلتفت عن هذا المنهج طرفةَ عين، وأن يجعل من هذا الكتاب- كلما طالعه- دستورًا لا يحيد عنه بحال. ولعل من أبرز الدلائل على ذلك أن الله تعالى قد خصَّ القرآن الكريم بالحفظ التامّ إلى يوم القيامة؛ يقول جل وعلا: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (9)﴾ (الحجر) وهذا الحفظ التام لم يوجد في أي جانب تعبُّدي آخر حتى في السنّة المطهرة، فهي- مع كونها المصدر الثاني للتشريع- قد دخل فيها ما ليس منها، وصار منها المعتلّ والمرسل والموضوع، وما لا أصل له، وفي هذا التخصيص من الله- تبارك وتعالى- لكتابه بالحفظ إشارةٌ مهمةٌ ينبغي أن ينتبه لها الجميع. فمعلوم أن القرآن الكريم هو الكتاب الخاتم، ولم يجعل الله من بعده كتابًا، فلو تُرك هذا الكتاب عرضةً للتحريف مثقال ذرة، فإن حال العباد لن يصير إلا في ضلال وغواية، ولن يؤول أمرُهم إلى الحق الذي أراده ربُّ العالمين لهم، فلن يأتي كتاب بعده يجبر الكسر ويقوِّم الاعوجاج. مما سبق يتبيَّن لنا أن الجانب التعبُّدي من القرآن الكريم لم يأخذ إلا القدرَ القليل من علة التحفيز النبوي إذا ما قورن بالجوانب الأخرى، وفي هذا دلالة واضحة أن هذا الكتاب ما جاء إلا ليهيمن على كافة شئون الناس ويكون حكمًا بينهم فيما يُعرَض لهم من قضايا، مهما تقادَم الزمن، ومهما استجدَّ من أحداث، فمن تغافل عن دستوريته، وأحجم عن شموليته، فليعلم أنه ليس معنيًّا بقوله تعالى: ﴿هُدًى لِلْمُتَّقِينَ﴾
| |
|